فصل: كِتَابُ الْأَيْمَانِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تحفة المحتاج بشرح المنهاج



.كِتَابُ الْأَيْمَانِ:

بِالْفَتْحِ جَمْعُ يَمِينٍ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا يَضَعُونَ أَيْمَانَهُمْ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ عِنْدَ الْحَلِفِ، وَأَصْلُ الْيَمِينِ الْقُوَّةُ فَلِتَقْوِيَةِ الْحَلِفِ الْحَثَّ عَلَى الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ سُمِّيَ يَمِينًا، وَيُرَادِفُهُ الْإِيلَاءُ وَالْقَسَمُ.
وَهِيَ شَرْعًا بِالنَّظَرِ لِوُجُوبِ تَكْفِيرِهَا تَحْقِيقُ أَمْرٍ مُحْتَمَلٍ بِمَا يَأْتِي وَتَسْمِيَةُ الْحَلِفِ بِنَحْوِ الطَّلَاقِ يَمِينًا شَرْعِيَّةً الَّتِي اقْتَضَاهَا كَلَامُ الرَّافِعِيِّ غَيْرُ بَعِيدٍ، وَإِنْ نُوزِعَ فِيهِ وَيُؤَيِّدُ تَصْرِيحَهُمْ بِمُرَادَفَةِ الْإِيلَاءِ لِلْيَمِينِ مَعَ تَصْرِيحِهِمْ بِأَنَّ الْإِيلَاءَ لَا يَخْتَصُّ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ، نَعَمْ مَرَّ قَوْلُهُمْ الطَّلَاقُ لَا يُحْلَفُ بِهِ أَيْ: لَا يُطْلَبُ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ التَّحْقِيقُ الْمَذْكُورُ؛ فَلِذَا سُمِّيَ يَمِينًا بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَحِينَئِذٍ فَذِكْرُ النَّظَرِ لِوُجُودِ التَّكْفِيرِ إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ الْيَمِينِ الْحَقِيقِيَّةِ لَا لِمَنْعِ إلْحَاقِ مَا لَا تَكْفِيرَ فِيهِ بِهَا فِي التَّحْقِيقِ الْمَذْكُورِ فَخَرَجَ بِالتَّحْقِيقِ لَغْوُ الْيَمِينِ الْآتِي، وَبِالْمُحْتَمَلِ نَحْوُ: لَأَمُوتَنَّ أَوْ لَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ لِعَدَمِ تَصَوُّرِ الْحِنْثِ فِيهِ بِذَاتِهِ فَلَا إخْلَالَ فِيهِ بِتَعْظِيمِ اسْمِهِ تَعَالَى، بِخِلَافِ لَأَمُتّ وَلَأَصْعَدَنَّ السَّمَاءَ وَلَأَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ فَإِنَّهُ يَمِينٌ يَجِبُ تَكْفِيرُهَا حَالًا مَا لَمْ يُقَيِّدْ بِوَقْتٍ كَغَدٍ، فَيُكَفِّرْ غَدًا وَذَلِكَ لِهَتْكِهِ حُرْمَةَ الِاسْمِ، وَلَا تَزِدْ هَذِهِ عَلَى التَّعْرِيفِ لِفَهْمِهَا مِنْهُ بِالْأَوْلَى إذْ الْمُحْتَمَلُ لَهُ فِيهِ شَائِبَةُ عُذْرٍ بِاحْتِمَالِ الْوُقُوعِ وَعَدَمِهِ، بِخِلَافِ هَذَا فَإِنَّهُ عِنْدَ الْحَلِفِ هَاتِكٌ لِحُرْمَةِ الِاسْمِ لِعِلْمِهِ بِاسْتِحَالَةِ الْبِرِّ فِيهِ وَأُبْدِلَ مُحْتَمَلٌ بِغَيْرِ ثَابِتٍ لِيَدْخُلَ فِيهِ الْمُمْكِنُ وَالْمُمْتَنِعُ وَأَجْمَعُوا عَلَى انْعِقَادِهَا وَوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ بِالْحِنْثِ فِيهَا، وَشَرْطُ الْحَالِفِ يُعْلَمُ مِمَّا مَرَّ فِي الطَّلَاقِ وَغَيْرِهِ، بَلْ وَمِمَّا يَأْتِي مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ الْقَصْدِ وَعَدَمِهِ، وَهُوَ مُكَلَّفٌ أَوْ سَكْرَانٌ مُخْتَارٌ قَاصِدٌ فَخَرَجَ صَبِيٌّ وَمَجْنُونٌ وَمُكْرَهٌ وَلَاغٍ.
(لَا تَنْعَقِدُ) الْيَمِينُ (إلَّا بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى) أَيْ: اسْمٍ دَالٍّ عَلَيْهَا، وَإِنْ دَلَّ عَلَى صِفَةٍ مَعَهَا وَهِيَ فِي اصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ الْحَقِيقَةُ وَالْإِنْكَارُ عَلَيْهِمْ بِأَنَّهَا لَا تُعْرَفُ إلَّا بِمَعْنَى صَاحِبَةٍ مَرْدُودٌ بِتَصْرِيحِ الزَّجَّاجِ وَغَيْرِهِ بِالْأَوَّلِ بَلْ صَرَّحَ بِذَلِكَ خُبَيْبِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ عِنْدَ قَتْلِهِ بِقَوْلِهِ وَذَلِكَ فِي ذَاتِ الْإِلَهِ (أَوْ صِفَةٍ لَهُ) وَسَتَأْتِي فَالْأَوَّلُ بِقِسْمَيْهِ (كَقَوْلِهِ: وَاَللَّهِ وَرَبِّ الْعَالَمِينَ) أَيْ: مَالِكِ الْمَخْلُوقَاتِ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَخْلُوقِ عَلَامَةٌ عَلَى وُجُودِ خَالِقِهِ، (وَالْحَيِّ الَّذِي لَا يَمُوتُ وَمَنْ نَفْسِي بِيَدِهِ) أَيْ: قُدْرَتِهِ يُصَرِّفُهَا كَيْفَ شَاءَ وَمَنْ فَلَقَ الْحَبَّةَ (وَكُلِّ اسْمٍ مُخْتَصٍّ بِهِ) اللَّهُ (سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى) غَيْرَ مَا ذُكِرَ وَلَوْ مُشْتَقًّا وَمِنْ غَيْرِ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى كَالْإِلَهِ وَمَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ وَاَلَّذِي أَعْبُدُهُ أَوْ أَسْجُدُ لَهُ وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ فَلَا تَنْعَقِدُ بِمَخْلُوقٍ: كَنَبِيٍّ وَمَلِكٍ لِلنَّهْيِ الصَّحِيحِ عَنْ الْحَلِفِ بِالْآبَاءِ، وَلِلْأَمْرِ بِالْحَلِفِ بِاَللَّهِ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ خَبَرَ: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ»، وَفِي رِوَايَةٍ: «فَقَدْ أَشْرَكَ» وَحَمَلُوهُ عَلَى مَا إذَا قَصَدَ تَعْظِيمَهُ كَتَعْظِيمِ اللَّهِ تَعَالَى، فَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ ذَلِكَ أَثِمَ عِنْدَ أَكْثَرِ أَصْحَابِنَا أَيْ: تَبَعًا لِنَصِّ الشَّافِعِيِّ الصَّرِيحِ فِيهِ، كَذَا قَالَهُ شَارِحٌ.
وَاَلَّذِي فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ عَنْ أَكْثَرِ الْأَصْحَابِ الْكَرَاهَةُ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ وَإِنْ كَانَ الدَّلِيلُ ظَاهِرًا فِي الْإِثْمِ، قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي الْعَمَلُ بِهِ فِي غَالِبِ الْأَعْصَارِ لِقَصْدِ غَالِبِهِمْ بِهِ إعْظَامَ الْمَخْلُوقِ وَمُضَاهَاتَهُ لِلَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ عُلُوًّا كَبِيرًا.
وَقَالَ ابْنُ الصَّلَاحِ: يُكْرَهُ بِمَالِهِ حُرْمَةً شَرْعًا كَالنَّبِيِّ وَيَحْرُمُ بِمَا لَا حُرْمَةَ لَهُ كَالطَّلَاقِ، وَذَكَرَ الْمَاوَرْدِيُّ أَنَّ لِلْمُحْتَسِبِ التَّحْلِيفَ بِالطَّلَاقِ دُونَ الْقَاضِي، بَلْ يَعْزِلُهُ الْإِمَامُ إنْ فَعَلَهُ، وَفِي خَبَرٍ ضَعِيفٍ «مَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ مُؤْمِنٌ وَلَا اسْتَحْلَفَ بِهِ إلَّا مُنَافِقٌ»، وَإِدْخَالُهُ الْبَاءَ عَلَى الْمَقْصُورِ بِنَاءً عَلَى مَا تَقَرَّرَ فِي مَحَلِّهِ الَّذِي سَلَكَهُ شَارِحٌ لَا يُنَافِيهِ إدْخَالُهُ لَهَا فِي الرَّوْضَةِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ فِي قَوْلِهِ: يَخْتَصُّ بِاَللَّهِ لِمَا مَرَّ أَنَّهَا تَدْخُلُ عَلَى الْمَقْصُورِ وَالْمَقْصُورِ عَلَيْهِ وَبِهِ يَنْدَفِعُ تَصْوِيبُ مَنْ حَصَرَ دُخُولَهَا عَلَى الْمَقْصُورِ فَقَطْ لِلْمَتْنِ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ لَا يُسَمَّى بِهِ غَيْرُ اللَّهِ وَهُوَ الْمُرَادُ، وَإِفْسَادُ مَا فِي الرَّوْضَةِ بِأَنَّ مَعْنَاهُ يُسَمَّى اللَّهُ بِهِ وَلَا يُسَمَّى بِغَيْرِهِ وَلَيْسَ مُرَادًا وَمَرَّ أَوَّلَ الْقَسَمِ وَالنُّشُوزِ مَا يُوَضِّحُ مَا ذَكَرْته.
وَأُورِدَ عَلَى الْمَتْنِ الْيَمِينُ الْغَمُوسُ وَهِيَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَاضٍ كَاذِبًا عَامِدًا فَإِنَّهَا يَمِينٌ بِاَللَّهِ وَلَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّ الْحِنْثَ اقْتَرَنَ بِهَا ظَاهِرًا وَكَذَا بَاطِنًا عَلَى الْأَصَحِّ، وَيُرَدُّ بِأَنَّهُ اشْتِبَاهٌ نَشَأَ مِنْ تَوَهُّمِ أَنَّ الْمَحْصُورَ الْأَخِيرُ وَالْمَحْصُورَ فِيهِ الْأَوَّلُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمُقَرَّرُ أَنَّ الْمَحْصُورَ فِيهِ هُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ فَانْعِقَادُهَا هُوَ الْمَحْصُورُ وَاسْمُ الذَّاتِ أَوْ الصِّفَةُ هُوَ الْمَحْصُورُ فِيهِ، فَمَعْنَاهُ كُلُّ يَمِينٍ مُنْعَقِدَةٍ لَا تَكُونُ إلَّا بِاسْمِ ذَاتٍ أَوْ صِفَةٍ.
وَهَذَا حَصْرٌ صَحِيحٌ لَا أَنَّ كُلَّ مَا هُوَ بِاسْمِ اللَّهِ أَوْ صِفَتِهِ يَكُونُ مُنْعَقِدًا فَتَأَمَّلْهُ، عَلَى أَنَّ جَمْعًا مُتَقَدِّمِينَ قَالُوا بِانْعِقَادِهَا.
الشَّرْحُ:
كِتَابُ الْأَيْمَانِ:
(قَوْلُهُ: الْحَلِفِ) قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَيُقَالُ: الْحَلِفُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَإِسْكَانِهَا.
وَمِمَّنْ ذَكَرَ الْإِسْكَانَ ابْنُ السَّكَنِ فِي أَوَّلِ اصْطِلَاحِ الْمَنْطِقِ انْتَهَى.
ذَكَرَ ذَلِكَ فِي شَرْحِ قَوْلُهُ: عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ «الْمُنْفِقُ سِلْعَتَهُ بِالْحَلِفِ الْفَاجِرِ».
(قَوْلُهُ: الْحَلِفِ) فَاعِلُهُ، وَقَوْلُهُ: الْحَثَّ مَفْعُولُهُ.
(قَوْلُهُ: نَعَمْ مَرَّ قَوْلُهُمْ: الطَّلَاقُ لَا يُحْلَفُ بِهِ، أَيْ: لَا يُطْلَبُ) كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُحْلَفَ بِهِ أَيْ: عَلَى صُورَةِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ نَحْوَ: وَالطَّلَاقِ لَا أَفْعَلُ كَذَا.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا هُوَ لِبَيَانِ الْيَمِينِ الْحَقِيقِيَّةِ) فِيهِ أَنَّهَا تُعْلَمُ مِنْ اقْتِضَاءِ كَلَامِ الرَّافِعِيِّ فِي الْيَمِينِ شَرْعًا.
(قَوْلُهُ: فِي التَّحْقِيقِ الْمَذْكُورِ) لَيْسَ الْكَلَامُ فِي ذَلِكَ بَلْ لَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَحَلَّ نِزَاعٍ فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: لِفَهْمِهَا مِنْهُ بِالْأَوْلَى) فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ لَا تُعْتَبَرُ فِي التَّعَارِيفِ قَطْعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْعُمَرِيُّ كَغَيْرِهِ فِي الْكَلَامِ عَلَى عِبَارَةِ الْمُطَوَّلِ فِي تَعْرِيفِ فَصَاحَةِ الْكَلَامِ.
(قَوْلُهُ وَالْمُمْتَنِعُ) مَا تَحْقِيقُهُ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ مُكَلَّفٌ إلَخْ) شَمِلَ الْأَخْرَسَ، وَيُصَرِّحُ بِهِ مَا سَيَأْتِي فِي هَامِشِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ لَا يُكَلِّمُهُ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ حَنِثَ وَلَوْ كَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ أَوْ أَشَارَ إلَيْهِ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا فَتَأَمَّلْهُ.
(قَوْلُهُ: لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِذَاتِ اللَّهِ إلَخْ) فَرْعٌ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهَا لَا تَنْعَقِدُ فِيمَا إذَا قَالَ لَهُ الْقَاضِي: قُلْ بِاَللَّهِ.
فَقَالَ: تَاللَّهِ إذَا قُلْنَا: إنَّهُ نَاكِلٌ وَفِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الْوَجْهُ انْعِقَادُهَا وَإِنْ قُلْنَا بِنُكُولِهِ فَلْيُرَاجَعْ.
(قَوْلُهُ: مُخْتَصٍّ بِهِ اللَّهُ) هَذَا يَقْتَضِي جَعْلَ الْهَاءِ فِي بِهِ لِاسْمٍ وَالظَّاهِرُ خِلَافُهُ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَفْظُ اللَّهِ بَدَلًا مِنْ الْهَاءِ فَلَا يُنَافِي أَنَّهَا لِلَّهِ فَلْيُتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت مَا يَأْتِي وَفِي هَامِشِهِ.
(قَوْلُهُ فَلَا تَنْعَقِدُ بِمَخْلُوقٍ كَنَبِيٍّ وَمَلِكٍ إلَخْ).
فَرْعٌ شُرِكَ فِي حَلِفِهِ بَيْنَ مَا يَصِحُّ الْحَلِفُ بِهِ وَغَيْرِهِ كَوَاللَّهِ وَالْكَعْبَةِ فَالْوَجْهُ انْعِقَادُ الْيَمِينِ وَهُوَ وَاضِحٌ إنْ قَصَدَ الْحَلِفَ بِكُلٍّ أَوْ أَطْلَقَ، فَإِنْ قَصَدَ الْحَلِفَ بِالْمَجْمُوعِ فَفِيهِ تَأَمُّلٌ، وَالْوَجْهُ الِانْعِقَادُ؛ لِأَنَّ جَزْءَ هَذَا الْمَجْمُوعِ يَصِحُّ الْحَلِفُ بِهِ، وَالْمَجْمُوعُ الَّذِي جُزْؤُهُ كَذَلِكَ يَصِحُّ الْحَلِفُ بِهِ.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّ مَعْنَاهُ يُسَمَّى اللَّهُ بِهِ وَلَا يُسَمَّى بِغَيْرِهِ) أَيْ: لِأَنَّ هَذَا لَيْسَ مَعْنَاهُ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ، بَلْ مَعْنَاهُ يَنْفَرِدُ اللَّهُ بِهِ فَلَا يُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ مَعَ أَنَّ مَا سَلَكَهُ ذَلِكَ الشَّارِحُ فِي حَلِّ الْمَتْنِ تَكْلِيفٌ لَا دَاعِيَ إلَيْهِ إذْ الْمُتَبَادَرُ لَيْسَ إلَّا رُجُوعَ الْهَاءِ مِنْ بِهِ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، فَالْبَاءُ دَاخِلَةٌ فِيهِ عَلَى الْمَقْصُورِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الرَّوْضَةِ.
(قَوْلُهُ: وَأُورِدَ عَلَى الْمَتْنِ) أَيْ: قَوْلُهُ لَا تَنْعَقِدُ إلَّا بِذَاتِ اللَّهِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: الْيَمِينُ الْغَمُوسُ) أَيْ فَإِنَّهَا بِذَاتِ اللَّهِ إلَخْ وَلَمْ تَنْعَقِدْ.
(قَوْلُهُ: وَهِيَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى مَاضٍ كَاذِبًا إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ فَإِنْ حَلَفَ كَاذِبًا عَالِمًا عَلَى مَاضٍ فَهِيَ الْغَمُوسُ وَفِيهَا الْكَفَّارَةُ، قَالَ فِي شَرْحِهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمْ الْأَيْمَانَ} ثُمَّ قَالَ: وَيَجِبُ فِيهَا التَّعْزِيرُ أَيْضًا انْتَهَى.
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (كِتَابُ الْأَيْمَانِ).
(قَوْلُهُ: بِالْفَتْحِ) إلَى قَوْلِهِ: بِمَا يَأْتِي فِي الْمُغْنِي إلَّا قَوْلَهُ: بِالنَّظَرِ؛ لِوُجُوبِ تَكْفِيرِهَا وَمَا سَأُنَبِّهُ عَلَيْهِ، وَإِلَى الْمَتْنِ فِي النِّهَايَةِ إلَّا قَوْلَهُ: وَإِنْ نُوزِعَ إلَى فَخَرَجَ، وَقَوْلُهُ: وَأُبْدِلَ إلَى وَشَرْطُ الْحَالِفِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِمَحْذُوفٍ أَيْ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا؛ لِأَنَّهُمْ إلَخْ، عِبَارَةُ الْمُغْنِي: وَأَصْلُهَا فِي اللُّغَةِ الْيَدُ الْيُمْنَى وَأُطْلِقَتْ عَلَى الْحَلِفِ؛ لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا تَحَالَفُوا يَأْخُذُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ بِيَمِينِ صَاحِبِهِ، وَسُمِّيَ الْعُضْوُ بِالْيَمِينِ لِوُفُورِ قُوَّتِهِ، قَالَ تَعَالَى: {لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ} أَيْ: بِالْقُوَّةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ فَلِتَقْوِيَةِ الْحَلِفِ) مِنْ إضَافَةِ الْمَصْدَرِ إلَى فَاعِلِهِ، وَقَوْلُهُ: الْحَثَّ مَفْعُولُهُ. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ وَيُرَادِفُهُ إلَخْ) عِبَارَةُ الْمُغْنِي وَالنِّهَايَةِ وَالْأَسْنَى: وَالْيَمِينُ وَالْقَسَمُ وَالْإِيلَاءُ وَالْحَلِفُ أَلْفَاظٌ مُتَرَادِفَةٌ. اهـ.
أَيْ: فِي الْحَلِفِ رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: بِالنَّظَرِ لِوُجُوبِ تَكْفِيرِهَا) أَيْ: وَإِلَّا فَالطَّلَاقُ يَمِينٌ أَيْضًا، وَحَاصِلُ الْمُرَادِ أَنَّهُ إنَّمَا قَيَّدَ هُنَا بِقَوْلِهِ بِمَا يَأْتِي الْمُرَادُ بِهِ اسْمُ اللَّهِ وَصِفَتُهُ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي هَذَا الْبَابِ فِي الْيَمِينِ الَّتِي يَجِبُ تَكْفِيرُهَا لَا فِي مُطْلَقِ الْيَمِينِ حَتَّى يَرِدَ نَحْوُ الطَّلَاقِ. اهـ. رَشِيدِيٌّ.
(قَوْلُهُ: تَحْقِيقُ أَمْرٍ إلَخْ) وَتَكُونُ أَيْضًا لِلتَّأْكِيدِ، وَالْأَصْلُ فِي الْبَابِ قَبْلَ الْإِجْمَاعِ آيَاتٌ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {لَا يُؤَاخِذُكُمْ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ} الْآيَةَ، وَقَوْلُهُ: {إنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا} وَأَخْبَارٌ مِنْهَا: «أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَحْلِفُ: لَا وَمُقَلِّبِ الْقُلُوبِ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ، وَقَوْلُهُ: «لَأَغْزُوَنَّ قُرَيْشًا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، ثُمَّ قَالَ فِي الثَّالِثَةِ: إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد أَسْنَى وَمُغْنِي وَنِهَايَةٌ وَفِي الْبُجَيْرِمِيِّ عَنْ سم مَا نَصُّهُ: وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَيْسَ الْمُرَادُ بِتَحْقِيقِهِ جَعْلَهُ مُحَقَّقًا حَاصِلًا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ غَيْرُ لَازِمٍ لِلْيَمِينِ، فَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِتَحْقِيقِهِ الْتِزَامُهُ وَإِيجَابُهُ عَلَى نَفْسِهِ وَالتَّصْمِيمُ عَلَى تَحْقِيقِهِ وَإِثْبَاتُ أَنَّهُ لَابُدَّ مِنْهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: مُحْتَمَلٍ إلَخْ) عِبَارَةُ الرَّوْضِ مَعَ شَرْحِهِ وَالْمُغْنِي تَحْقِيقُ أَمْرٍ غَيْرِ ثَابِتٍ، مَاضِيًا كَانَ أَوْ مُسْتَقْبَلًا، نَفْيًا أَوْ إثْبَاتًا، مُمْكِنًا كَحَلِفِهِ لَيَدْخُلَنَّ الدَّارَ، أَوْ مُمْتَنِعًا كَحَلِفِهِ لَيَقْتُلَنَّ الْمَيِّتَ، صَادِقَةً كَانَتْ الْيَمِينُ أَوْ كَاذِبَةً مَعَ الْعِلْمِ بِالْحَالِ أَوْ الْجَهْلِ بِهِ. اهـ.
(قَوْلُهُ بِمَا يَأْتِي) أَيْ: فِي الْمَتْنِ.
(قَوْلُهُ: بِنَحْوِ الطَّلَاقِ) أَيْ: كَالتَّعَلُّقِ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: غَيْرُ بَعِيدٍ) أَيْ: لِتَضَمُّنِهِ الْمَنْعَ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَتَضَمُّنِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ كَذَلِكَ. اهـ. ع ش.
(قَوْلُهُ: وَيُؤَيِّدُهُ) أَيْ: مَا اقْتَضَاهُ كَلَامُ الرَّافِعِيِّ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لَا يُطْلَبُ) أَوْ لَا يَكُونُ الطَّلَاقُ مَدْخُولًا لِحُرُوفِ الْقَسَمِ أَيْ: لَمْ تَجْرِ الْعَادَةُ بِهِ. اهـ. سَيِّدُ عُمَرَ.
(قَوْلُهُ: أَيْ لَا يُطْلَبُ) كَلَامُهُمْ كَالصَّرِيحِ فِي أَنَّ الْمُرَادَ لَا يَصِحُّ أَنْ يُحْلَفَ بِهِ أَيْ: عَلَى صُورَةِ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ، نَحْوَ: وَالطَّلَاقِ لَا أَفْعَلُ كَذَا. اهـ. سم.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ كَانَ فِيهِ) أَيْ: فِي الْحَلِفِ بِالطَّلَاقِ.